يقول: "وكذلك ما قدره حق قدره من قال: إنه يعاقب عبده على ما لا يفعله العبد، ولا له عليه قدرة، ولا تأثير له ألبتة! -وهذه الطائفة هي الجبرية- بل هو نفس فعل الرب جل جلاله، فيعاقب عبده على فعله، هو سبحانه الذي جبر العبد عليه، وجبره على الفعل أعظم من إكراه المخلوق للمخلوق"، يعني: المخلوق لا يمكن أن يكره المخلوق إكراهاً كلياً، ولا يستطيع أي مخلوق أن يملك ما يضمر مخلوق آخر مهما كان، وهم يقولون: إن الله تبارك وتعالى أجبر المخلوقين، تعالى الله عما يصفون!!
قال: "وإذا كان من المستقر في الفطر والعقول أن السيد -أي المالك- لو أكره عبده على فعل وألجأه إليه ثم عاقبه عليه لكان قبيحاً، فأعدل العادلين وأحكم الحاكمين وأرحم الراحمين كيف يجبر العبد على فعل لا يكون للعبد فيه صنع ولا تأثير؟!"، وهذا مذهب الجبرية، هل هناك فرقة تسمى الجبرية الآن؟ نعم، الأشعرية، ماذا يقولون؟
والفعل في التأثير ليس إلا            للواحد القهار جل وعلا
أي: الفعل كله لله، فما دام الفاعل والمؤثر هو الله، فهل يعاقب العباد على فعل نفسه؟!
فهو الذي فعل، أما العبد فلم يفعل شيئاً ولم يؤثر في شيء، فهم ينظرون جانباً وينسون جانباً آخر.
ونحن نقول لهم: إذا كنتم تقصدون بذلك أن العبد لا يملك أن يطيع ولا يملك أن يعصي حتى تجعلوا إرادة الله هي كل شيء، فقد نسيتم الأفعال الأخرى، فنقول: إذا ارتكب العبد فاحشة فمن فعلها؟! إن قالوا: الله -تعالى الله عما يصفون- وقعوا في الكفر، وإن قالوا: العبد، أثبتوا للعبد فعلاً وتأثيراً وإرادة، لكن هم ينسون ذلك ويغفلون عنه.
إذاً: الطائفتان الجبرية والقدرية ما قدروا الله حق قدره.